كما تعرفون بأن لكل بداية لابد بأن تكون هناك نهاية ...
وهذه النهاية إما أن تكون سعيدة , و يحسد صاحبها عليها ,
وتكون سعادة أبدية
لا تنقطع ابدا ...
وإما نهاية تكون تعيسة ويبكي صاحبها بدل الدمع دماً ,
وتكون حياة تعيسة إلى أن يشاء الله ...
أخي الحبيب ،، أختي الحبيبة :
كلنا ذو ذنب وكلنا ذو خطيئة، وكلنا ذو معصية ،
قال صلى الله عليه وسلم:
" كل ابن آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون"
والإنسان بطبعه ضعيف الإرادة، وقد تغلبه نفسه،
ويضعف أمام الشهوات والمغريات، ويميل إلى المعصية
فتذكر قبل ارتكاب المعصية أن الله يراك ومطلع عليك ؛ فهو العليم الخبير ،
وهو السميع البصير
قال ـ تعالى ـ: {يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} [البقرة:77]،
ويسمع كلامك ، ويرى مكانك ،
ويعلم سرك ونجواك، فهو ـ سبحانه ـ معك بعلمه وإطلاعه ،
فاحذر كل الحذر أن تجعل الله أهون الناظرين إليك .
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل *** خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحـسبـن الله يغــفل سـاعـة *** ولا أن ما تخفي عليه يغيب
واحــذر أيضاً أن تـكون ممن يراقبون العـباد ، وينـسون رب العباد ، يخشون الناس ،
وينسون رب الناس قال ـ تعالى ـ : {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ
وَهُوَ مَعَهُمْ} [النساء:108]
يستعظمون نظر المخلوق على هوانه ، ويستخفون بنظر الخالق مع علو شأنه .
فيا من تعصي الله ، أي أرض تقلك وأي سماء تظلك إلا أرض الله وسماؤه ، وأي
مكان يحميك من أن يراك الله ويطلع عليك وينظر إليك فـهو ـ تعالى ـ يراك ،
فـاجعل لـه في قـلبك وقاراً ، وإذا حدثتك نفسك بالمعصية
أيا كانت هذه المعصية فقل لها:
{أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق:14]
أخي الحبيب ،، أختي الحبيبة :
قبل أن تعصي الله تذكر من أنت ... ؟؟
من أنت أيها المسكين حتى تعصي إله الأولين والآخرين ورب العالمين ؟
من أنت أيها الضعيف الذي لا تملك لنفسك نفعاً ، ولا ضراً ، ولا حولاً ، ولا طولاً
حتى تعصي القوي العـزيز الذي خـضع لـه كل شيء !!
وملأت كل شيء عظمته ، وقهر كل شيء ملكه ،
وأحاطت بكل شيء قدرته .. ؟؟!!!
تذكر من أنت ومن هو العظيم الذي تعصيه ، وأنت فقير محتاج إليه .. ؟؟
وبقدر ما يعظم قدر الله في قلبك يعظم مكانك عنده
قال ـ تعالى ـ : {وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الحج:30]
أخي الحبيب ،، أختي الحبيبة :
قبل أن تعصي الله تذكر نعمه الكثيرة عليك : {يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ
بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ*الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ} [الانفطار:7،6]
خلقك الله من عدم ، وشفاك من سقم ، وأسبغ عليك وافر النعم ،
أطعمك من جوع وكساك من عري ، وأرواك من ظمأ
قال ـ تعالى ـ : {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الْأِنْسَانَ لَظَلُومٌ
كَفَّارٌ} [ابراهيم:34]
فكيف يا عبد الله تبدل نعمة الله كفراً ؟! وفضله وجوده عليك جحوداً ونكراً ؟!
كيف تقابل الإحسان بالنكران ؟! والعطايا بالخطايا ؟!
كيف تعصي الله وأنت تتقلب في نعمه ؟
وهل تعصيه إلا بنعمه ؟ فبأي وجه تلقى الله وقد أعطاك ومنحك
وأكرمك ووهبك هذه النعم ثم تأتي وتعصيه بها ؟! أما تخاف من عقابه ؟!
وتجزع من عذابه وهو القادر على أن يسلبها منك كيفما شاء ومتى شاء ،
فكم من نعمة أسبغها الله صاحبها فبدلها كفراً وأعقبها نكراً فكانت نهاية صاحبها خسراً:
{ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} [سـبأ:17].
أخي الحبيب ،، أختي الحبيبة :
تذكر يوم تشهد عليك الشهود وتفضحك فيه الجوارح والجلود .. !!
فأين يكون مهربك ؟
وإلى أين يكون الملتجأ ؟
والشهود منك والشهادة عليك !!!!
فتأمل يا مسكين !! تعصي الله بها ومن أجلها ،
وتذود عنها ، ثم تأتي يوم القيامة تشهد عليك !
وتذكر أيضاً المكان الذي عصيت الله فيه يأتي يوم القيامة شاهداً عليك ،
وتذكر أن الزمان شاهد عليك !
وتذكر أن الله أرصد لك وبك ملائكة كراماً يرونك من حيث لا تراهم ،
ويعلمون ما تقول وما تفعل: {يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الانفطار:12]
ويوم القيامة يشهدون عليك ، فأين المهرب من كل هؤلاء الشهود .. ؟!
أنت الآن في نعمة كبيرة وسعة عيش فلا تغرنك الحياة الدنيا ولا يغرنك بالله الغرور
أنت الآن تسكن القصور وتركب المركبات المريحة وتعيش برغد العيش
وغيرك لا يستطيع أن يأكل لقمة واحدة ولا يوجد عنده مأوى يواريه
أخي الحبيب ،، أختي الحبيبة :
قد آن لك أن تقلع وتتوب من كل الذنوب ، وأن تلتزم بالطاعة
التي يعزك الله بها والتي فيها سعادتك في الدنيا والآخرة:
{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} [الحديد: 16]
بلى والله قد آن .. !!
فأنت صاحب العقل الرزين وتملك الخير في أحشاءك
فلا تأخر التوبة وتقول مازال الوقت مبكرا ..
ومازلت صغيرا ..
والله لابد ان يأتي ذلك اليوم الذي تحل فيه ضيفاً هنا ..
وأهلك هم من سيوصلونك إلى بيتك الجديد وأنت لا تستطيع أن تمنعهم
أخي الحبيب ،، أختي الحبيبة :
تذكر بأنك ستكون في يوم معهم وفي أحد هذه الغرف المظلمة
فأنت والله من تملك الأمور و الخيارات كلها وهي بين يديك فإما جنة أو نار
فهل أنت تعلم ماذا يخبأ لك من خير أو شر ...
فلتعلنها الآن وقبل فوات الآوان وتتوب إلى الله توبة نصوحة عسى الله أن يتقبل
توبتنا ويغفر زلتنا ويتوب علينا إنه هو التواب الرحيم ...
م.ن.ق.و.ل